تم الانتقال من كون الإمارات مساحة صحراوية نائية إلى منطقة حضارية مليئة بالحياة والمواطنين المقيمين والذين يمارسون نمط حياتهم بصورة طبيعية، وقد وصلت دولة الإمارات في وقتنا الحالي إلى أعلى مستويات التطوّر والشهرة في الشرق الأوسط لازدهارها ونموّها، ويُقبل عليها الكثيرون من نواحي دول العالم؛ وذلك لاحتوائها الكثير من الوجهات السياحية وكونها الوجهة التجارية الأولى للأعمال، وخلال مراحل تطوّرها مرّت بفترات مختلفة من التاريخ الجوهري حتى عُمرانها وتقدّمها، واشتمل ذلك أبرز الحضارات القديمة في الامارات التي نعرضها عبر زووم الإمارات فيما يلي:
تم توثيق خريطة حضارات الإمارات القديمة عبر المراحل التاريخية، والتي نشأت بها مختلف الثقافات المساهمة في تشييدها حتى وقتنا الحالي، وتم الاهتمام خلال ذلك بمختلف المنظمات والجهات والمنشآت، والتي برز دورها في جمع التحف الفنيّة والمخطوطات ومختلف الأدوات الحجرية والنحاسية، إضافةً إلى الأدوات المصنوعة من اللؤلؤ والصدف.
ويتم إجراء مختلف عمليات التنقيب للإلمام بكل الرموز الأثرية، وجمع معلومات إضافية تتعلق بالمناخ ونمط المعيشة والبناء الحضاري منذ آلاف السنين في الإمارات، ويقرب عددها إلى سبعة آلاف سنة من نقش بعض الرسم والآثار، فلا بد من معرفة التاريخ ليُبنى المُستقبل المُشرِق.
حضارة عصور ما قبل التاريخ في الإمارات
إن أول ما اشتملت عليه أبرز الحضارات القديمة في الامارات هي حضارة عصور ما قبل التاريخ، حيث كان الإنسان بدائيًا في العصر الحجري، ويرسم النقوش والرموز على الجدران ويكون الاعتماد الأكبر عليها، لكن تظل هناك مجموعة من الحلقات المفقودة فيما يتصل بالحضارة القديمة للإمارات وتحديدًا في العصر الحجري العتيق.
وفي ذلك تظهر مجموعة من الروايات المختلفة والمعالم المطموسة المُبهمة، لكن كانت حضارة الإمارات القديمة في العصر الحجري الحديثة موثقة وبها الكثير من المعلومات، والتي ابتدأت منذ سنة 3500 إلى 6000 قبل الميلاد، بالتالي يوجد فارق ما بين حضارة العصر الحجري الحديث والأقدم منه.
يمكن اعتبار فترة العصر الحجري الحديث ضمن أبرز الحضارات القديمة في الامارات هي الأكثر أهمية؛ ففي جزيرة دلما تم استكشاف مجموعة من المستوطنات المُعتقد بأنها ترجع إلى جماعات بدوية عاملة في الصيد، وتم إيجاد آثار ثقوب في تلك المستوطنات كدلالة على عيشهم في المنازل المُشيّدة من سعف النخيل.
تضمنت الأمور المُكتشفة في دلما أيضًا الكثير من التحف الفنية والأجزاء الفخارية المُعتقد بأنها ترجع إلى “فترة العُبيد”، وهي من أجزاء العصر الحجري الحديث، وتعود مراحل بداياتها إلى نهايات الألف السادس قبل الميلاد.
حضارة الإمارات القديمة في العصر البرونزي
خلال العصر البرونزي تم الاعتماد على بناء المنازل بالطين والحجر، وهي واحدة من دلالات أبرز الحضارات القديمة في الامارات، وقد تميزت أواخر العصر الحجري الحديث بدولة الإمارات العربية المتحدة بميلاد حقبة العصر البرونزي الأكثر تجديدًا، وقد شمل العصر البرونزي أواخر الألفية الرابعة قبل الميلاد، وأشارت خريطة الحضارات القديمة إلى انقسامه إلى 3 فترات، وهي كالآتي:
حقبة جبل حفيت
ابتدأت حقبة جبل حفيت من سنة 2500 قبل الميلاد إلى 3200 قبل الميلاد، وأطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى المدافن المتواجدة على مقربة من المنطقة الشرقية في إمارة أبوظبي، حيث عُثر على عدد يتجاوز خمسمائة من القبور خلال رحلة استكشافية.
كما تم الكشف عن أن تلك المقابر متشابهة في الأحجام والأشكال، وتُماثل هيئة خلية النحل، وذلك نتيجة عمليات التنقيب المُنفذة في تلك المنطقة من قبل الجهة الإدارية للآثار في العين، وتم الإشارة إلى أن استكشافها كان متزامنًا مع ازدهار القطاع الصناعي والزراعي في تلك النواحي، كما تم العثور على الآثار الخاصة بأدوات تصنيع النحاس، بالإضافة إلى مساحات المزارع التي يُحصد بها القمح والذرة.
حقبة أم النار
ابتدأت حقبة أم النار من سنة ألفي إلى ألفين وخمسمائة قبل الميلاد، وقد غطّت تلك الحقبة ما يقرب من ثلاثة أرباع الألفية الثالثة قبل الميلاد، وتم إطلاق مسمّاها عليها نسبةً إلى آثار جزيرة أم النار، وهي من الجزر الصغيرة المتواجدة في النواحي القريبة لإمارة أبوظبي.
تم العثور على مدافن جماعية تمتلئ بالقبور ذات الأحجام الضخمة في حقبة أم النار، ويرجع ذلك إلى الزيادة في منسوب المياه الجوفية ووفرة الطين حينئذ، حيث بُنيت المنازل في حقبة أم النار من الطوب الطيني الذي يُجفف في أشعة الشمس بخلاف المدافن المبنية من الحجارة الصلبة.
لم تكن الاكتشافات مقتصرة على تلك الأمور فقط بل تم العثور على بعثات من الآثار متواجدة في مساحات من التلال الدفينة بأعداد كبيرة، إضافةً إلى العثور على مئات الأواني المصنوعة من الفخار والأدوات المصنوعة من النحاس.
كما وجد الباحثين بقايا عظمية ترجع إلى أنواع مختلفة من الأسماك وحيوانات الماشية، ويمكن اعتبار جزيرة أم النار من أكثر المواقع التي تتمحور حولها الأهمية الثقافية الكبرى لأبرز الحضارات القديمة في الامارات، والتي كان ازدهارها في تلك المنطقة منذ خمسة وأربعين قرن على وجه التقريب في إطار المواقع المحورية، مع العلم أن الثقافات المكتشفة في نواحي الخليج العربي تُحقق التشابه في سماتها، وتتشابه المصطلحات المستخدمة من قبل علماء الآثار في النطاق الخليجي.
حقبة وادي سوق
تبتدئ حقبة وادي سوق منذ سنة 1300 وحتى 2000 قبل الميلاد، وهي الحضارة الأخيرة للإمارات القديمة في العصر البرونزي، وقد تواجدت في النطاق الرابط ما بين العين وساحل عُمان، وأطلق علماء الآثار هذا الاسم عليها لتواجد وادي سوق بالناحية الغربية لصحار في سلطنة عمان، وهو سبب تسمية تلك الحقبة بهذا الاسم الشهير.
من أهم السمات التي برزت في الإمارات القديمة خلال حقبة وادي سوق هو المناخ الجاف بشدة مقارنة بالعصور السابقة، ومن أهم الأمور المُكتشفة في المنطقة بتلك الحقبة هو الحليّ الذي صُنع من الذهب مع الفضة ممزوجين معًا، وله تصميم بشكل حيوانات، كما اكتشفت الأوعية الحجرية والمقابر.
بالإضافة إلى اكتشاف الأواني المصنوعة من الفخار ومجموعة من الأسلحة النحاسية، ومن المواقع الهامّة التي تضمنتها “منطقة شمل”؛ نظرًا لاحتوائها على مجموعة من القبور مع بقايا مستوطنة، ولعددها القليل خلال فترة وادي سوق الكثير من العوامل التي درسها العلماء؛ مثل تغيّر المناخ، والعوامل الاقتصادية، ويشير عدد القبور التي تم اكتشافها إلى اتخاذ الأشخاص للأودية والواحات على الامتداد الساحلي كمواطن لهم، وتحديدًا في الإمارات الشمالية.
حضارة الإمارات القديمة في العصر الحديدي
تبدأ حضارات الإمارات القديمة في العصر الحديدي من سنة 300 قبل الميلاد إلى 1300 قبل الميلاد، وقد تم العثور على المواقع الأثرية التي ترجع إلى العصر الحديدي في مختلف نواحي دولة الإمارات العربية المتحدة، مما يشير إلى أن الدولة في ذلك الحين كانت خلال ذروة التطوّر الحضاري.
تتضمن كل حقبة تاريخية في الدولة على مجموعة من المزايا والإيجابيات، وفي حقبة العصر الحديدي بالإمارات القديمة توافر نظام الري المخصص لاستخراج المياه الجوفية، وتم استعماله في النواحي الزراعية بمنتصف الظروف المناخية الجافة، وهو ما أدى إلى تسمية تلك النواحي بنظام الأفلاج، وهي من أهم مميزات أبرز الحضارات القديمة في الامارات.
وقد مارس السكان في ذلك الحين مجموعة من الحرف المهنية والصناعية؛ مثل تشييد المباني، وتصنيع الفخار بمختلف الأشكال، بالإضافة إلى إنتاج النحاس، وهو ما يُبرز الدلالات التاريخية التي حملتها تلك الأدوات والحِرف على مرّ العصور، وكان لها انعكاس قوي وإيجابي وخطوة نحو الأمام في الدولة.
